وقال ابن عمر، وابن الزبير:(لا يثبت التحريم بين الرضيع وبين الفحل) . فيجوز للفحل أن ينكح الرضيع إن كان بنتًا، ويجوز للرضيع أن ينكح أخت الفحل - إن كان الرضيع رجلًا - وأخيه - إن كان الرضيع بنتًا - وبه قال ابن المسيب، وسليمان بن يسار، وربيعة، وحماد، والأصم، وابن علية؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ}[النساء: ٢٣][النساء: ٢٣] فدليل خطابه: أنه يجوز له أن ينكح بحليلة ابنه من الرضاع.
دليلنا: ما روي «عن علي بن أبي طالب: أنه قال: قلت للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: هل لك في ابنة عمك حمزة، فإنها أجمل فتاة في قريش؟ فقال: أما علمت أن حمزة أخي من الرضاع، وأنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب؟» .
«وروت عائشة، قالت: استأذن علي أفلح أخو أبي القعيس بعد ما ضرب الحجاب، فلم آذن له، فأتيت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأخبرته بذلك، فقال:" ائذني له، فإنه عمك من الرضاعة "، فقلت: يا رسول الله، إنما أرضعتني امرأة أخيه، فقال: ائذني له، فإنه عمك» وفي رواية:«فإنه عمك، فليلج عليك» .
ولأن اللبن ثار لولد، وهو مخلوق من مائهما، فكان اللبن لهما.
فأما الآية: فإنه قيده بابنه من الصلب ليبين أن حليلة الابن من التبني لا تحرم؛ لأن التبني كان مباحًا في صدر الإسلام، وكان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تبنى زيد بن حارثة، وكان يقال له: زيد ابن محمد، ثم طلق زيد زوجته، وتزوجها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.