الثالثة: أن يحلب منها لبن كثير دفعة واحدة، ثم يوجره الصبي في خمسة أوقات متفرقة.. فنقل المزني، والربيع:(أن ذلك رضعة واحدة) .
قال الربيع: وفيه قول آخر: (أنه خمس رضعات) .
واختلف أصحابنا في ذلك:
فمنهم من قال: هو رضعة واحدة، قولًا واحدًا، على ما نقلاه، وما حكاه الربيع.. من تخريجه؛ لأن ذلك لم يوجد في شيء من كتب الشافعي.
ومنهم من قال: فيه قولان؛ لأن ما حكاه الربيع.. يحتمل على أنه سمع منه ذلك:
أحدهما: أنه خمس رضعات؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الرضاعة من المجاعة» . وهذا اللبن قد حصل به سد الجوع خمس مرات. ولأن الرضعات كالأكلات، ومعلوم أنه لو حلف: لا يأكل خمس أكلات، فأكل من طعام واحد خمس أكلات في خمسة أوقات متفرقة.. حنث، فوجب أن يكون هاهنا خمس رضعات.
والثاني: أن ذلك رضعة واحدة، قال الشيخان: وهو الأصح؛ لأن الوجور فرع للرضاع، ومعلوم أن التحريم لا يحصل في الرضاع إلا بأن ينفصل اللبن عن ثدي المرأة خمس مرات متفرقات، ويصل إلى جوف الصبي في خمسة أوقات متفرقة، وكذلك في الوجور لا بد أن ينفصل خمسة انفصالات، ويتصل خمسة اتصالات متفرقات.
الرابعة: إذا حلب منها اللبن في خمسة أوقات متفرقة في خمسة أوان، فأوجره الصبي دفعة واحدة.. فاختلف أصحابنا فيه:
فمنهم من قال: فيه قولان كالتي قبلها؛ لأن الرضاع يفتقر إلى إرضاع وارتضاع، فلما ثبت أن اللبن إذا انفصل من المرضعة دفعة واحدة وأوجره الصبي دفعات كان فيه قولان.. فكذلك إذا انفصل منها خمس دفعات، وأوجره دفعة.. يجب أن يكون على قولين: