لا لمعنى في فعله.. لم يسقط عنه القصاص، كما لو كانا عامدين.
وإن شارك الصبي والمجنون وهما عامدان في الجناية.. بنى ذلك على عمدهما، وفيه قولان:
أحدهما: أن عمدهما في حكم الخطأ، وبه قال مالك، وأبو حنيفة؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق» . فأخبر أن القلم مرفوع عنهما، فدل على: أن عمدهما في حكم الخطأ، ولأن عمدهما لو كان في حكم العمد.. لوجب عليهما القصاص.
فعلى هذا: لا يجب على من شاركهما في الجناية القصاص.
القول الثاني: أن عمدهما في حكم العمد، فيجب على شريكهما القود؛ لأنهما قصدا الجناية، وإنما سقط القصاص عنهما لمعنى في أنفسهما، كشريك الأب، ولأن الصبي لو أكل في الصوم عامداً.. لبطل صومه، فلولا أن لعمده حكماً.. لما بطل صومه. هكذا ذكر الشيخ أبو حامد، وابن الصباغ.
وقال المسعودي [في " الإبانة "] : المجنون الذي لا يميز، والطفل الذي لا يعقل عقل مثله، عمدهما خطأ، قولا ًواحداً، فلا يجب على شريكهما القصاص.
وإن شارك من لا ضمان عليه، مثل: أن جرح رجل نفسه وجرحه آخر، أو جرحه سبع وجرحه آخر، أو قطعت يده بقصاص أو سرقة وجرحه آخره، ومات.. فهل يجب القصاص على الشريك الذي عليه الضمان؟ فيه قولان:
أحدهما: يجب عليه القصاص؛ لأنه شارك في القتل عامداً، فوجب عليه القصاص، كشريك الأب.
والثاني: لا يجب عليه القصاص؛ لأنه إذا سقط عنه القصاص إذا شارك المخطئ وجنايته مضمونة عليه.. فلأن لا يجب عليه القصاص إذا شارك من لا قصاص عليه أولى.