القود، وإن لم يكسر حدته.. فهو كما لو سقاه السم منفرداً.
فإن لم يكرهه على ذلك، وإنما ناوله إياه، فشربه.. نظرت:
فإن كان الشارب صبياً لا تمييز له، أو كبيراً مجنوناً، أو أعجمياً يعتقد وجوب طاعة الأمر.. فعلى الدافع إليه الضمان؛ لأنه كالآلة له حيث اعتقد طاعته فيه.
وإن كان عاقلاً مميزاً.. فلا ضمان على الدافع؛ لأنه قتل نفسه باختياره أو بتفريطه.
وإن خلطه به، ولم يكسر الطعام حدة السم، فأكله إنسان، ومات.. نظرت:
فإن كان الطعام الذي خلط فيه السم قدمه إلى إنسان، وقال: كله، فأكله.. فهل يجب عليه القود؟ فيه قولان:
أحدهما: يجب عليه القود؛ لما روى أبو هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «أن يهودية بخيبر أهدت للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شاة مصلية، فأكل منها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه، ثم قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " ارفعوا أيديكم، فإنها قد أخبرتني: أنها مسمومة "، فأرسل إلى اليهودية، وقال:" ما حملك على ما صنعت؟ "، فقالت: قلت: إن كنت نبياً.. لم يضرك الذي صنعت، وإن كنت ملكاً.. أرحت الناس منك. فأكل منها بشر بن البراء بن معرور، فمات، فأرسل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى اليهودية، فقتلها، وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " ما زالت أكلة خيبر تعادني، فهذا أوان قطعت أبهري» .