موضعه، فصار كما لو نتف شعرة، ثم نبتت، أو كما لو قلع سن صبي لم يثغر، ثم نبت مكانه سن، وكما لو لطم عينه، فذهب ضوءها، ثم عاد.
فعلى هذا: لا يجب على المجني عليه القصاص للجاني في السن التي اقتص منه بها؛ لأنه قلعها، وكان يجوز له قلعها، وإنما تجب عليه دية سن الجاني.
وإن كان المجني عليه عفا عن القصاص، وأخذ دية سنه.. وجب عليه رد الدية إلى الجاني.
والقول الثاني: أن السن النابت هبة مجددة من الله تعالى للمجني عليه؛ لأن العادة أن سن من أثغر إذا قلعت لا تعود، فإذا عادت.. علمنا أن ذلك هبة من الله تعالى له.
فعلى هذا: إن كان المجني عليه قد اقتص من الجاني، أو أخذ منه الأرش.. فقد وقع ما فعله موقعه، ولا شيء عليه للجاني.
وإن قلع سن رجل، فقلع المجني عليه سن الجاني، ثم نبت للجاني سن مكان سنه المقلوعة التي اقتص منه، ولم يعد للمجني عليه مثلها.. فإن قلنا: إن النابت هبة من الله تعالى مجددة.. فلا شيء للمجني عليه، وإن قلنا: إن النابت هو من الأول.. ففيه وجهان:
أحدهما: أن للمجني عليه أن يقلعه ولو نبت مراراً؛ لأنه أعدمه سنه، فاستحق أن يعدمه سنه.
والثاني: ليس له أن يقلع سنه؛ لأنه يجوز أن يكون من المقلوع، ويجوز أن يكون هبة مجددة من الله تعالى، وذلك شبهة، فسقط بها القصاص.
فعلى هذا: للمجني عليه دية سنه على الجاني، فإن خالف المجني عليه وقلع هذه السن للجاني.. وجب عليه ديتها، ويتقاصان.
وإن قلع سنه، فاقتص منه، فعاد للمجني عليه سن مكان سنه، ولم يعد للجاني، ثم عاد الجاني فقلعها.. وجب عليه ديتها؛ لأنه ليس له مثلها.