وإن كان القاطع خنثى مشكلاً.. فإنه لا يجب القصاص في الحال؛ لأنا لا نتيقن عين الزائد من الآلتين فيهما، ولا عين الأصلي، فلو أوجبنا القصاص في الحال.. لم نأمن أن نأخذ أصلياً بزائد، وذلك لا يجوز.
فإن طلب حقه من المال.. نظرت:
فإن عفا عن القصاص.. قال أصحابنا البغداديون: أعطي دية الشفرين، وحكومة للذكر والأنثيين؛ لأنه يستحق ذلك بيقين. وقال الخراسانيون: يعطى الحكومة في الذكر والأنثيين والشفرين.
وإن لم يعف عن القصاص.. فهل يعطى شيئاً من المال؟
إن قلنا بقول الشيخ أبي حامد، وأنه لا قصاص في الشفرين.. أعطي الحكومة فيهما؛ لأنا لا نتوهم وجوب القصاص فيهما، وإن قلنا بالمنصوص، وأنه يجب فيهما القصاص.. فهل يعطى شيئاً؟
إن قلنا بقول أبي علي بن أبي هريرة: أنه لا يعطى شيئاً إذا كان القاطع رجلاً أو امرأة.. فهاهنا أولى أن لا يعطى، وإن قلنا هناك يعطى.. فهاهنا وجهان:
أحدهما: لا يعطى، وهو قول القفال؛ لأن القصاص متوهم في جميع الآلات.
والثاني: يعطى أقل الحكومتين في آلة الرجال وآلة النساء.
والصحيح: أنه لا يعطى هاهنا شيئاً.
مسألة:[القصاص لا يعتبر فيه الصحة والكبر] :
وكل عضو وجب فيه القصاص.. فإنه يجب فيه وإن اختلف العضوان في الصغر والكبر، والصحة والمرض، والسمن والهزال؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنْفَ بِالأَنْفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ}[المائدة: ٤٥](المائدة: من الآية ٤٥) ولم يفرق. ولأنا لو اعتبرنا هذه الأشياء.. لشق وضاق، فسقط اعتباره، كما سقط اعتبار ذلك في النفس.
وما كان من الأعضاء منقسماً إلى يمين ويسار، كالعينين والأذنين واليدين