فهل تجب عليه الكفارة؟ فيه وجهان حكاهما الطبري في " العدة ":
فـ[الأول] : إن قلنا: إن مأخذ القولين في الدية من الرمي إلى من ظنه حربياً.. فتجب الكفارة؛ لأن الدية هاهنا لم تجب.
و [الثاني] : إن قلنا: إن مأخذهما من عزل الوكيل.. فلا تجب عليه الكفارة، وتكون الدية مغلظة؛ لأنها إما دية عمد محض، أو دية عمد خطأ.
وهل تجب في مال الوكيل، أو على عاقلته؟ فيه وجهان:
أحدهما - وهو قول أبي إسحاق، واختيار الشيخ أبي حامد -: أنها تجب في ماله؛ لأنه قصد قتله، وإنما سقط القصاص لمعنى آخر.
و [الثاني] : قال أبو علي بن أبي هريرة: هو دية عمد خطأ، فتجب دية مؤجلة على العاقلة؛ لأنه قتله وهو معذور.
فإن قلنا: إنها على العاقلة.. لم يرجع بها الوكيل على الموكل.
وإن قلنا: إنها تجب على الوكيل.. لم يرجع الوكيل على الموكل؛ لذلك.
وقال أبو العباس: فيه قول آخر: أنه يرجع عليه، كما قلنا في من قدم طعاماً مغصوباً إلى رجل، فأكله ولم يعلم أنه مغصوب.. فإنه يرجع على المقدم إليه في أحد القولين، وكما قلنا فيمن غر بحرية امرأة.
والمذهب الأول؛ لأن العفو مندوب إليه، والغرور محرم.
إذا تقرر هذا: فإن كان الموكل قد عفا عن القود والدية، أو عفا مطلقاً، وقلنا: لا تجب له الدية.. فلا كلام، وإن عفا عن القود إلى الدية، أو عفا مطلقاً، وقلنا: تجب له الدية.. وجبت له الدية في مال الجاني، ويكون لورثة الجاني مطالبة الوكيل بدية الجاني، وليس كالأخوين إذا قتل أحدهما قاتل أبيه بغير إذن أخيه؛ حيث قلنا في محل نصيب الأخ الذي لم يقتل من الدية قولان: