وإن قتل خطأ في حرم المدينة.. فهل تغلظ الدية؟ فيه وجهان:
أحدهما: تتغلظ؛ لأنه كالحرم في تحريم الصيد، فكان كالحرم في تغليظ دية الخطأ فيه.
والثاني: لا تغلظ، وهو الأصح؛ لأنه دون الحرم في الحرمة؛ بدليل: أنه يجوز قصده بغير إحرام، فلم يلحق به في الحرمة في تغليظ الدية.
وإن قتل محرماً خطأ.. فهل تغلظ ديته؟ فيه وجهان:
أحدهما: تغلظ، كما تغلظ في القتل في الحرم، وبه قال أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لأن الإحرام يتعلق به ضمان الصيد، فغلظت به الدية، كالحرم.
والثاني: لا تغلظ به؛ لأن الشرع ورد بتغليظ القتل في الحرم دون الإحرام، بدليل: ما روي: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«أعتى الناس على الله ثلاثة: رجل قتل في الحرم، ورجل قتل غير قاتله، ورجل قتل بذحل الجاهلية» والإحرام لا يلحق الحرم في الحرمة.
إذا ثبت هذا: فإن تغليظ دية الخطأ عندنا بالحرم أو في الأشهر الحرم، أو إذا قتل ذا رحم محرم إنما هو بأسنان الإبل، كما قلنا في دية العمد، ولا يجمع بين تغليظين.
وقال أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (تغلظ بثلث الدية، ويجمع ما بين تغليظين) ؛ لما رويناه عن الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -.
ودليلنا على أنه لا تغلظ إلا بالأسنان: أن من أوجب التغليظ في دية القتل.. أوجبه بالأسنان، كدية العمد.
ودليلنا على أنه لا يجمع بين تغليظين: أن من أوجب التغليظ.. أوجبه في الضمان