استخلف عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وأرضاه، فغلت الإبل، فصعد المنبر خطيباً، وقال ألا إن الإبل قد غلت، ففرض الدية: على أهل الذهب ألف دينار، وعلى أهل الورق اثني عشر ألف درهم»
فموضع الدليل من الخبر: أنه قال: كانت قيمة الدية على عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كذا وكذا، فدل على: أن الواجب هو الإبل.
ولأن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وأرضاه قال:(ألا إن الإبل قد غلت) ، وفرض عليهم ألف دينار أو اثني عشر ألف درهم، فتعلق بغلاء الإبل، فدل على: أن ذلك من طريق القيمة؛ لأن ما وجبت قيمته اختلف بالزيادة والنقصان، ولم يخالفه أحد من الصحابة.
وما روي من الأخبار للأول.. فنحمله على أن ذلك من طريق القيمة.
فعلى هذا: لا يكون للدية إلا أصل واحد، وهي الإبل، فإن كانت الدية مغلظة وأعوزت الإبل، فإن قلنا بقوله الجديد.. قومت مغلظة ثلاثين حقة، وثلاثين جذعة، وأربعين خلفة، وإن قلنا بقوله القديم.. ففيه وجهان، حكاهما في " العدة ".
أحدهما: تغلظ بثلث الدية، ولم يذكر في " المهذب " غيره؛ لما ذكرناه عن عمر، وعثمان، وابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وأرضاهم.
والثاني: يسقط التغليظ؛ لأن التغليظ عندنا إنما هو بالصفة في الأصل لا بالزيادة في العدد، وذلك إنما يمكن في الإبل دون النقد، ألا ترى أن العبد لما لم يجب فيه إلا القيمة لم يجب فيه التغليظ؟ وما روي عن الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وأرضاهم.. فقد ذكرنا: أنما ذلك هو قيمة ما أوجبوه. هذا مذهبنا.
وقال أبو حنيفة:(الواجب في الدية ثلاثة أصول: مائة من الإبل، أو ألف دينار، أو عشرة آلاف درهم. فيجوز له أن يدفع أيها شاء مع وجود الإبل ومع إعوازها) .