والأصل في وجوبها قَوْله تَعَالَى:{وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}[البينة: ٥][البينة: ٥] . و (الإخلاص) : هو النية.
ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى» .
إذا ثبت هذا: فالكلام في محل النية، ووقتها، وكيفيتها.
فأما (محلها) : فالقلب؛ لأن النية الإخلاص، ولا يكون الإخلاص إلا بالقلب.
فإن نوى بقلبه، وتلفظ بلسانه.. فقد أتى بالأكمل. وإن تلفظ بلسانه، ولم ينو بقلبه.. لم يجزه. وإن نوى بقلبه، ولم يتلفظ بلسانه.. أجزأه.
ومن أصحابنا من قال: لا يجزئه؛ لأن الشافعي قال:(وليس الصلاة كالحج؛ لأن الصلاة في أولها نطق واجب) .
وهذا غلط؛ لأن النية هي القصد، وقد وجد منه ذلك، وما قاله الشافعي.. فإنما أراد به: النطق بالتكبير، لا بالنية.
وأما (وقتها) : فإن الشافعي قال: (وإذا أحرم إماما كان أو وحده.. نوى صلاته في حال التكبير لا قبله، ولا بعده) .
قال أصحابنا: لم يرد بهذا: أنه لا يجوز أن تتقدم النية على التكبير، ولا تتأخر عنه، وإنما أراد الشافعي بقوله:(لا قبله) : أنه لا يجوز أن ينوي قبل التكبير، ويقطع نيته قبل التكبير.
وكذلك لم يرد بقوله:(ولا بعده) : أنه لا يجوز استدامتها بعد التكبير، وإنما أراد به لو ابتدأ بالنية بعد التكبير.. لم يجزه، فإن نوى قبل التكبير واستصحب ذكرها إلى آخر التكبير أجزأه، وكذلك لو استدام ذكرها بعد الفراغ من التكبير.. أجزأه، وقد أتى بأكثر مما يجب عليه، ولا يضره ذلك.
وإن نوى قبل التكبير، واستصحب ذكرها في أول التكبير لا غير.. فهل يجزئه؟ فيه وجهان، حكاهما في " الفروع ".
أحدهما: لا يجزئه؛ لأنه عري حرف من التكبير عن ذكر النية، فلم يجزئه، كما لو عري أول حرف منها.