أحدهما: لا يحمل عنه، وهو الأصح؛ لأنه لا يرثه، فلم يحمل عنه، كالأجنبي.
والثاني: يحمل عنه، وبه قال أبو حنيفة، وأصحاب مالك رحمة الله عليه؛ لأنه لما حمل عنه المولى الأعلى عن الأسفل.. حمل الأسفل عن الأعلى، كالأخوين.
فعلى هذا: لا يحمل إلا بعد عدم المولى من أعلى، ويقدم على بيت المال؛ لأنه من العاقلة الخاصة له.
وأما عصبة المولى من أسفل: فلا يحملون، قولًا واحدًا؛ لأن الجاني لا يحمل عنهم، فلم يحملوا عنه.
وإن كان للمولى من أسفل مولى من أسفل.. فهل يحمل عن الجاني؟
الذي يقتضي المذهب: أنه على قولين، كمولاه من أعلى؛ لأن الجاني يحمل عنه.
فإن لم يكن للجاني عصبة من النسب، ولا من يحمل من جهة الولاء، وليس هناك بيت مال.. فهل تجب الدية في مال الجاني؟ فيه قولان، بناء على أن الدية هل تجب على العاقلة ابتداء، أو على الجاني ثم تحمل العاقلة عنه؟ فيه قولان:
أحدهما: أنها تجب على العاقلة ابتداءً؛ لأنهم هم المطالبون بها. فعلى هذا: لا تجب في مال الجاني.
والثاني: أنها تجب على الجاني ابتداء، ثم تتحملها العاقلة عنه؛ لأنه هو المباشر للجناية. فعلى هذا: يجب أداء الدية من ماله.
فإذا قلنا بهذا: وكان له أب وابن.. فهل يحملان؟ فيه وجهان:
[أحدهما] : قال أبو علي الطبري: يحملان، ويقدمان على الجاني؛ لأنا إنما لم نحمل عليهما؛ إبقاء على الجاني، فإذا حمل الجاني.. كانا أولى بالحمل
و [الثاني] : قال الشيخ أبو إسحاق: لا يحملان؛ لأنا إنما قلنا يحمل الجاني على هذا؛ لأن الدية وجبت عليه ابتداء، فإذا لم يوجد من يتحمل عنه.. بقي الوجوب في محله، والأب والابن لم تجب الدية عليهما في الابتداء، ولا هما من أهل التحمل، فلم يحملا بحال.