للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذمة الكف عن القتال لفظا، فإن شرط عليهم الكف عن ذلك، انتقضت ذمتهم، قولا واحدا.

والطريق الأول هو المنصوص.

فإذا قلنا: تنتقض ذمتهم.. لم يجب عليهم ضمان ما أتلفوا على أهل العدل من نفس ومال، قولا واحدا، كأهل الحرب.

قال الشيخُان: ويجوز قتلهم على هذا مقبلين ومدبرين، ويتخير الإمام في الأسير منهم، كما قلنا في أهل الحرب.

وقال ابن الصبَّاغ: هل يجوز قتلهم على هذا مقبلين ومدبرين؟ فيه قولان، بناء على القولين فيهم إذا نقضوا الذمة.. فهل يقتلون في الحال، أو يجب ردهم إلى مأمنهم؟ وهل تنتقض ذمتهم في حق أهل البغي؟ ينبغي أن يكون على الوجهين اللذين مَضَيا في صحة أمان أهل البغي لأهل الحرب.

وإذا قلنا: لا تنتقض ذمتهم.. فحكمهم حكم أهل البغي، فيجوز قتلهم مقبلين، ولا يجوز قتلهم مدبرين، ولا يجاز على جريحهم، ولا يجوز سبي أموالهم، ومن أسر منهم.. كان كمن أسر من أهل البغي، إلا أنهم إذا أتلفوا على أهل العدل نفسا أو مالا.. لزمهم ضمانه، قولا واحدا.

والفرق بينهم وبين أهل البغي: أن لأهل البغي شبهة، فلذلك سقط عنهم الضمان في أحد القولين، وليس لأهل الذمة شبهة، فوجب عليهم الضمان، ولأن في إيجاب الضمان على أهل البغي تنفيرا عن رجوعهم إلى الطاعة، وقد أمرنا بإصلاحهم، وأهل الذمة لا نخاف من نفورهم، ولم نؤمر بالإصلاح بيننا وبينهم.

وإن استعان أهل البغي بمن بيننا وبينهم هدنة، فأعانوهم.. انتقض أمانهم، إلا

<<  <  ج: ص:  >  >>