ومن أصحابنا من قال: إن كان مِمَّن يرجو النكاية في أمر العدو أو القيام في أمر الشَّرع.. فالأفضل أن يدفع القتل عن نفسه، ويتلفظ بها، وإن كان لا يرجو ذلك من نفسه.. اختار القتل.
والمذهب الأول؛ لما رَوَى أنس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أن النَّبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«ثلاث من كن فيه.. وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما؛ وإن يحب المرء لا يحبه إلا لله؛ وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن توقد نار فيقذف فيها» .
فإن أكره على التلفظ بكلمة الكفر، فقالها، وقصد بها الدفع عن نفسه ولم يعتقد الكفر بقلبه.. لم يحكم بردته؛ وبه قال مالك، وأبو حَنِيفَة.
وقال أبُو يوسف: يحكم بردته.
دليلنا: قَوْله تَعَالَى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[النحل: ١٠٦][النحل: ١٠٦] . وفيها تقديم وتأخير، وتقديرها: من كفر بالله من بعد إيمانه، وشرح بالكفر