يجب عليه ضمانه، ولهذا: لم يوجب عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وأرضاه - الضمان على الذين قتلوا المرتد قبل استتابته، فلو كانت الاستتابة واجبة.. لوجب ضمانه.
فعلى هذا: لا يأثم إذا قتله قبل الاستتابة.
والثاني: أن الاستتابة واجبة؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}[الأنفال: ٣٨][الأنفال: ٣٨] . فأمر الله تَعالَى بمخاطبة الكفار بالانتهاء، ولم يفرق بين الأصلي والمرتد. ولما رَوَيْنَاهُ عن عمر وعثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وأرضاهما - ولأن من لم تبلغه الدعوة.. يجب أن يُدعَى إلى الإسلام قبل القتل، فكذلك المرتد.
وأمَّا قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «من بدَّل دينه.. فاقتلوه» فمعناه: بعد الاستتابة، بدليل: ما ذكرناه.
وأمَّا قوله:(لو وجبت الاستتابة.. لوجب على قاتله قبل الاستتابة ضمانه) ؛ فيبطل بقتل نساء أهل الحرب وذراريهم، فإنه يحرم قتلهم، ولو قتلهم.. لم يجب ضمانهم.
فعلى هذا: إذا قتله قبل الاستتابة.. أَثم لا غير، وفي قدر مدة الاستتابة قولان، سواء قلنا: إنها مستحبة أو واجبة:
أحدهما: يستتاب ثلاثة أيام، وبه قال مالك، وأبو حَنِيفَة، وأحمد - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - تَعالَى - ووجهه: ما رَوَيْنَاهُ عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وأرضاه - ولأن الاستتابة تراد لزوال الشبهة، فقدر ذلك بثلاث؛ لأنها آخر حد القلة وأول حد الكثرة.
والثاني: يستتاب في الحال، فإن تاب.. وإلا.. قتل. وهو الذي نصره الشافعيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لحديث أم رومان، ولأنه استتابة، فلم يتقدَّر بالثلاث، كاستتابة الحربي، هذا مذهبنا. وقال عليّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وأرضاه -: (يستتاب شهرا) .