للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى الشام، وتفرقوا. وكان النَّبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يخرج في المواسم ومعه أبُو بكر الصدِّيق - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فيعرض نفسه على قبائل العرب، فلم يقبله أحد حتى قدم مكة الأوس والخزرج ـ قوم من المدينة ـ فعرض النَّبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نفسه عليهم، فقالوا: وراءنا رهط من قومنا، وإنا نرجع إليهم ونعرفهم ذلك، فإن قبلوك.. انتقلت إلينا ونصرناك. فلما رجعوا إلى المدينة.. أخبروا قومهم به وعرفوهم حالة فقبلوه. فلما كان وقت الموسم.. قدموا مكة، وقالوا: قد أخبرنا قومنا بخبرك فقبلوك، فسر معنا. فوجه معهم مصعب بن عمير؛ ليعلمهم الإسلام، فعلمهم الإسلام، وكان يصَلَّى بهم.

ثم هاجر النَّبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إليهم، فلما استقر بالمدينة، وأسلم خلق كثير، أذن لهم الله تَعالَى بالقتال، ولم يفرضه عليهم بقوله: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا} [الحج: ٣٩] الآية [الحج: ٣٩] ، فلما كثر المسلمون واشتدت شوكتهم بعد مدة.. فرض الله عليهم القتال، فقال عز وجل: {وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ} [التوبة: ٤١] [التوبة: ٤١] وقال عز وجل: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ} [التوبة: ٢٩] الآية [التوبة: ٢٩] وقال تَعالَى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: ٥] [التوبة: ٥] ، وفي ذلك آي كثير.

فهذا معنى قول الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (لما مضت برسول الله مدة من هجرته) إلى آخر كلامه.

ثم أوجب الله على من بقي من المسلمين مع الكفار الهجرة، وقيل - إن سبب وجوبها -: أن قريشا لما خرجوا إلى بدر لقتال النَّبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.. أكرهوا من معهم من المسلمين على الخروج معهم والقتال، فقيل: إنه قتل من المسلمين الذين معهم ناس، فقال الله تَعالَى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} [النساء: ٩٧] [النساء: ٩٧] الآية، فتواعدهم على ترك الهجرة، والتواعد لا يكون إلا على واجب. وقال النَّبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

<<  <  ج: ص:  >  >>