يبلغه هذا الأمر إلا أن يكون قوم وراء الترك لم يعلموا، فإن وجد قوم كذلك.. لم يجز قتالهم حتى يدعوهم إلى الإسلام؛ لأنهم لا يلزمهم الإسلام قبل العلم ببعث الرسول، فإن قتل منهم إنسان قبل ذلك.. ضمن بالدية والكفارة.
وقال أبُو حَنِيفَة:(لا دية فيه ولا كفارة) ؛ لأن الخلق عنده محجوجون بعقولهم قبل بعث الرسل وعندنا ليسوا بمحجوجين قبل بعث الرسل.
إذا ثبت هذا: فقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: (إن كان يهوديا أو نصرانيا.. ففيه ثلث دية المسلم، وإن كان مجوسيا.. ففيه ثلثا عشر دية المسلم. وإن لم يعرف دينه، أو كان من عَبَدَة الأوثان.. ففيه دية المجوسي) .
قال أبُو إسحاق: إنما أوجب الشافعي في اليهودي والنصراني ثلث دية المسلم إذا كان من أولاد من غير التوراة والإنجيل وبدلها، فأما إذا كان من أولاد من لم يغيرها ولم يبدلها.. ففيه دية المسلم؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ}[الأعراف: ١٥٩][الأعراف: ١٥٩] وأراد به: من لم يغير ولم يبدل. والأول أصح، وقد مَضَى ذلك في (الجنايات) .
وإن كان الكفار ممن بلغتهم الدعوة.. فالمستحب للإمام: أن لا يقاتلهم حتى يدعوهم إلى الإسلام؛ لما روي:«أن النَّبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لعلي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يوم خيبر: " إذا نزلت بساحتهم.. فادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم؛ فوالله: لأن يهدي الله بهداك رجلا واحدا.. خير لك من حمر النعم» . فإن قاتلهم قبل أن