والثاني: يجوز رميهم؛ لأنا لو منعنا من ذلك.. منعنا من الجهاد، فأدى إلى الظفر بالمسلمين. هذا نقل الشيخ أبي حامد.
وقال المسعوديُّ [في " الإبانة "] : إذا لم يكن ضرورة إلى رميهم.. فهل يكره رميهم؟ فيه قولان.
فأما إذا تترس المشركون بمن معهم من أسارى المسلمين: فهل يجوز رميهم للمسلمين؟ نظرت: فإن لم يكن بالمسلمين حاجة إلى رميهم؛ بأن كان ذلك في غير التحام القتال.. لم يجز لهم رميهم؛ لأنه لا حاجة بهم إلى ذلك. فإن رمى مسلم إليهم وقتل مسلمًا.. وجب عليه القود والكفارة؛ لأنه قتل مسلمًا لغير ضرورة.
وإن دعت الحاجة إلى قتالهم؛ مثل أن يكون في حال التحام القتال، أو خاف المسلمون إن لم يقاتلوهم غلبوهم.. جاز رميهم، ويتوقون المسلمين ما أمكنهم، ويقصدون رمي المشركين دون المسلمين؛ لأن حفظ من معنا من المسلمين أولى من حفظ من معهم.
وكل موضع قلنا:(يجوز رميهم) فرماهم مسلم وقتل المسلم الذي تترسوا به.. فلا يجب على الرامي القصاص؛ لأنا قد جوزنا له الرمي.
قال الشافعي، - رَحِمَهُ اللَّهُ - في موضع:(وعليه الكفارة) . وقال في موضع:(عليه الدية والكفارة) واختلف أصحابنا فيه.
فقال المزني: هي على اختلاف حالين:
فالموضع الذي قال فيه:(عليه الكفارة) إذا لم يعلم أنه مسلم، فرماه فقتله فبان مسلمًا.
والموضع الذي قال:(عليه الكفارة والدية) إذا رماه وعرف أنه مسلم.
وقال أبُو إسحاق: هي على اختلاف حالين آخرين غير هذين: