فإن قيل: كيف صحت هذه الجعالة بمال لا يملكه الباذل وهو مجهول أيضًا؟
فالجواب: أن الجعالة إنما تفتقر إلى عوض معلوم يملكه الباذل، إذا عقد ذلك في أموال المسلمين، فأما إذا عقد في أموال المشركين.. فيصح أن يكون العوض مجهولًا لا يملكه الباذل، كما روي:«أن النَّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نفل في البدأة الربع، وفي القفول الثلث» ، وإنما يأخذونه من خمس الخمس وإن كان غير مملوك وقت العقد ولا معلوم.
قال أصحابنا البغداديون: ولا فرق بين أن يكون الدليل مسلمًا أو كافرًا.
وقال الخراسانيون: إن كان الدليل مسلمًا.. فهل يصح هذا العقد معه؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا يصح؛ لأن الشافعي، إنما نص فيها على دلالة العلج، و (العلج) : لا يكون إلا كافرًا. ولأنه عقد فيه نوع غرر فلم يجز مع المسلمين، كسائر العقود.
والثاني: يصح، وهو المشهور؛ لأنه عقد جعالة يصح مع الكافر فصح مع المسلم، كالجعالة على رد الآبق. وإنما نص الشافعي، - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - على دلالة العلج؛ لأنه هو الذي يعرف طرقهم في الغالب.
إذا ثبت هذا، فدلهم رجل على هذه القلعة.. فينظر فيه: فإن لم تفتح القلعة.. لم يستحق الدليل شيئًا.
ومن أصحابنا من قال: يرضخ له لدلالته. وليس بشيء؛ لأنه لما قال: من دلنا على القلعة الفلانية فله جارية منها.. فالظاهر أنه جعل له الجارية بشرطين: الدلالة والفتح، فإذا لم يوجد أحدهما.. لم يستحق شيئًا.
وإن فتحت القلعة.. نظرت: فإن فتحت عنوة وكان الشرط على جارية معلومة وهي فيها، أو كان الشرط على جارية مجهولة وليس في القلعة غير جارية واحدة، فإن