فإذا قهر الجيش الذي مع الإمام، أو الجيش الذي خرج بإذنه أهل الحرب على شيء.. نظر فيه: فإن كان مما ينقل، كالدراهم والدنانير وما أشبههما، فإن كان فيه مال للمسلم.. دفعه إليه. وإن كان فيه سلب لقاتل.. دفعه إليه ـ على ما مَضَى ـ ثم يدفع من الباقي أجرة النقال والحافظ؛ لأنه مصلحة للغانمين. ثم يدفع الرضخ من الباقي إذا قلنا: يرضخ من رأس الغنيمة. وما بقي.. قسم على خمسة أسهم: سهم لأهل الخمس، والباقي للغانمين على ما يأتي بيانه إن شاء الله عز وجل؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ}[الأنفال: ٤١][الأنفال: ٤١] الآية. فأضاف الغنيمة إلى الغانمين، ثم قطع الخمس لأهله، فكان الظاهر أن ما بقي بعد الخمس على مقتضى الإضافة.
وإن كانت الغنيمة مما لا ينقل، كالأرض والدور.. فمذهبنا: أن الحكم فيها كالحكم فيما ينقل. وبه قال الزبير وبلال.
وقال عمر، ومعاذ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وسفيان الثوريُّ، وابن المبارك:(الإمام فيها بالخيار: إن شاء قسمها كما قلنا، وإن شاء وقفها على المسلمين) .
وقال أبو حَنِيفَة وأصحابه:(الإمام فيها بالخيار: إن شاء قسمها بين الغانمين، وإن شاء وقفها على المسلمين، وإن شاء أقرها في أيدي أهلها وضرب عليهم الخراج على وجه الجزية، وإذا أسلموا.. لم يسقط عنهم ذلك، ويجوز أن يخرج عنها أهلها ويسكنها قومًا آخرين ويضرب عليهم الخراج) .
وقال مالك:(تصير وقفًا على المسلمين بنفس الفتح) .
دليلنا: قَوْله تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ}[الأنفال: ٤١][الأنفال: ٤١] الآية، ولم يفرق بين ما ينقل وما لا ينقل.