ومنهم من قال: بل تصير وقفًا على القولين؛ لأنا إن قلنا: إنها للمصالح.. فالمصلحة فيها أن تكون وقفًا، وإن قلنا: إنها للمقاتلة.. فإنها تصير وقفًا ليصرف الإمام غلتها في مصالحهم.
والفرق بينها وبين الغنيمة: أنه لا مدخل لاجتهاد الإمام في الغنيمة، ولهذا لا يجوز أن يفضل بعضهم على بعض في الغنيمة، ولاجتهاده مدخل الفيء؛ ولهذا يجوز أن يفضل بعضهم على بعض في القسمة، فتحصل من هذا: أنا إذا قلنا: إنها للمصلحة.. كانت وقفًا وجهًا واحدًا، وإن قلنا: إنها للمقاتلة.. فهل تصير وقفًا؟ فيه وجهان:
وأمَّا خمس الأرض: فإن سهم المصالح، وسهم اليتامى، وسهم المساكين، وسهم ابن السبيل، يكون وقفًا وجهًا واحدًا، وفي سهم ذَوِي القربى وجهان.
وكل موضع قلنا: يكون وقفًا.. فهل يفتقر إلى تلفظ الإمام بالوقف؟ فيه وجهان، حكاهما ابن الصبَّاغ:
أحدهما: يفتقر إلى ذلك، كسائر الوقوف.
والثاني: لا يفتقر إلى ذلك؛ لأن وقفه وجب بالشَّرعِ، فلم يحتج إلى اللفظ به، كما أنه لو وجب رق النساء والصبيان من أهل الحرب.. لم يحتج إلى لفظ الإمام باسترقاقهم، فهذا مثلها.
إذا ثبت هذا: فروى الشافعي، - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أنه قال: (ما من أحد إلا وله في هذا المال حق أعطيه أو منعه إلا ما ملكت أيمانكم) . فتأوله أصحابنا ثلاثة تأويلات: