وإن دخل في دينهم بعد تبديله.. نظرت: فإن دخل في دين من لم يبدل.. فحكمه وحكم أولاده حكمهم. وإن دخل في دين من بدَّل منهم.. لم تؤخذ منه ولا من أولاده الجزية؛ لأنه لم تلحقه فضيلة الكتاب ولا حرمة لآبائه. هذا نقل البغداديين من أصحابنا.
وقال المسعوديُّ [في " الإبانة "] : هل تؤخذ الجزية من أولاده؟ فيه قولان، بناءً على القولين في أولاد المرتدين: هل تؤخذ منهم الجزية؟
وإن دخل في دينهم بعد أن نسخ بشريعة بعده.. لم يقر على دينه ببذل الجزية.
وقال المزني: يقر ببذل الجزية، وكذلك قال: تؤخذ ممن دخل في دين من بدَّل؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}[المائدة: ٥١][المائدة: ٥١] .
ودليلنا: أنه دخل في دين باطل، فلم تؤخذ منه الجزية، كالمسلم إذا ارتد. وأمَّا الآية: فالمراد بها في الكفر والإثم.
وإن دخل داخل في دينهم بعد التبديل، ولم يعلم: هل دخل في دين من بدَّل منهم أو في دين من لم يبدل، أو لم يعلم: هل دخل في دينهم قبل نسخه أو بعد نسخه، كنصارى العرب وهم: بهراء وتنوخ وتغلب.. أقروا على دينهم بالجزية تغليبًا لحقن دمائهم، ولم تحل مناكحتهم ولا ذبائحهم للمسلمين تغليبًا للحظر؛ لـ:(أن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أخذ الجزية من نصارى العرب وحرم على المسلمين مناكحتهم وذبائحهم) .