وقال أبو حَنِيفَة:(يجب على الغني في كل سنة ثمانية وأربعون درهمًا، من صرف اثني عشر بدينار فيكون عليه أربعة دنانير، وعلى المتوسط أربعة وعشرون درهمًا وعلى الفقير المعتمل اثنا عشر درهمًا) .
وقال مالك:(إن كان من أهل الذهب.. فالواجب عليه في كل سنة أربعة دنانير. وإن كان من أهل الورق.. فالواجب عليه في كل سنة ثمانية وأربعون درهمًا) .
وقال الثوريُّ: الجزية ليست بمقدرة، وإنما الواجب ما رآه الإمام باجتهاده من قليل أو كثير.
دليلنا: ما رُوِيَ: أن النَّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعث معاذًا إلى اليمن، وقال:«خذ من كل حالم دينارًا، أو عدله معافريا» . ورَوَى عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده:«أن النَّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر بأخذ الجزية من أهل الكتاب من كل حالم دينارًا أو عدله معافريا» .
والمعافري: ثوب منسوب إلى المعافر. ولم يفرق بين الغني والفقير والمتوسط.
إذا ثبت هذا: فإن المستحب للإمام أن لا يخبر الذمي: أن أقل الواجب عليه دينار، بل يماكسه ليزيد عليه، ويجعل الجزية عليهم على ثلاث طبقات: على الفقير المعتمل دينار، وعلى المتوسط ديناران، وعلى الغني أربعة دنانير، لما رُوِيَ عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: (أنه صالح أهل الشام على أن يأخذ من الغني ثمانية وأربعين درهمًا، ومن المتوسط أربعة وعشرين درهمًا، وممن دونه دينارًا) . ولأنه يخرج بذلك من الخلاف لأبي حَنِيفَة.
وإن التزم رجل منهم أكثر من دينار.. لزمه، فإن امتنع بعد ذلك من التزام ما زاد