وإن كان البكر مريضا أو مقطوعا أو محدودا.. أخر جلده حتى يبرأ من مرضه أو قطعه ويسكن ألم حده الأول، وكذلك: إن كان الزمان شديد الحر أو البرد.. أخر جلده إلى أن يعتدل الزمان؛ لأن المقصود من جلده النَكَال والردع لا القتل، فلو جلدناه في هذه الأحوال.. لم يؤمن أن يموت من ذلك.
وإن كان نضو الخلق لا من علة لكنه نحيف الخلقة، أو كان به مرض لا يرجى زواله كالمسلول والزمن.. فإنه لا يحد حد الأقوياء، ولكن يضرب بإثكال النخل؛ وهو قضبانه. فيجمع مائة شمراخ، فيضرب بها دفعة واحدة، أو يضرب بأطراف الثياب والنعال. وقال مالك:(لا يضرب إلا بالسوط مائة مفرقة، فإن لم يمكن.. أخر جلده) . وقال أبُو حَنِيفَة:(يجمع مائة سوط، ويضرب بها دفعة واحدة) .
دليلنا: ما رَوَى أبُو داود بإسناده، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، «أنه أخبره بعض أصحاب النَّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الأنصار: أنه اشتكى رجل منهم حتى ضني، فعاد جلده على عظمه، فدخلت عليه جارية لبعضهم فهش إليها، فوقع عليها، فلما دخل عليه رجال قومه يعودونه.. أخبرهم بذلك، وقال: استفتوا لي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فذكروا ذلك لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقالوا: ما رأينا أحدا من الناس نزل به من الضر مثل الذي هو به، فلو حملناه إليك.. لتفسخت عظامه، ولم يبق عليه إلا جلد على عظم، فقال النَّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: خذوا مائة شمراخ واضربوه بها ضربة واحدة» وهذا نص في موضع