فإن قذف صغيراً أو مجنوناً.. لم يجب عليه حد القذف، لأن ما رماهما به من الزِّنَى لو تحقق.. لم يجب عليهما به حد، فلم يجب على قاذفهما به حد.
وإن قذف مملوكاً.. لم يجب عليه به حد، لأن الرق يمنع من كمال حد الزِّنَى، فمنع من وجوب الحد على قاذفه. وإن قذف كافراً.. لم يجب عليه الحد، لما رَوَى ابن عمر: أن النَّبيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«من أشرك بالله.. فليس بمحصن»
وإن قذف من عرف زناه ببينة أو بإقراره.. لم يجب عليه الحد؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ}[النور: ٤] الآية (النور: ٤) فلما وجب الحد على القاذف إذا لم يأت بأربعة شهداء على زنَى المقذوف.. فدلَّ على: أنه إذا أتى بأربعة شهداء على زناه أنه لا حد عليه. وقسنا إقرار المقذوف بالزِّنَى على ثبوت زناه بالبينة.
إذا تقرر هذا: فإن وجوب الحد يعتبر بالمقذوف. وأمَّا كمال الحد ونقصانه.. فيعتبر بالقاذف، فإن كان القاذف حراً.. وجب عليه ثمانون جلدة للآية، وإن كان مملوكاً.. لم يجب عليه إلا أربعون جلدة. وبه قال أبُو بكر الصدِّيق وعمر وعثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وأرضاهم، وأكثر أهل العلم.
وقال عمر بن عبد العزيز: يجب على المملوك ثمانون جلدة. وبه قال الزهريُّ وداود، وحكى ذلك عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم.
دليلنا: ما رُوِيَ عن عبد الله بن عامر بن ربيعة: أنه قال: أدركت أبا بكر وعمر وعثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، ومن بعدهم من الخلفاء فلم أرهم يضربون المملوك إذا قذف إلا