وغيره، فيرجع إليه في تفسيره، فإن قال: أردت أنه نبطي اللسان، لأنه لا فصاحة له، أو نبطي الدار، لأنه ولد في دارهم، وصدقه المقذوف أنه أراد ذلك، أو كذبه وحلف القاذف أنه أراد ذلك.. لم يلزمه الحد، ولكن يلزمه التَّعزِير، لأنه قد أوهم أنه قذفه. وإن قال: أردت إن جدته زنت بنبطي وأتت بأبيه من نبطي، أو أن أمه زنت بنبطي وأتت به منه.. فقد قذف جدته أو أمه، فإن كانت محصنة.. وجب لها عليه حد القذف. وإن كانت غير محصنة.. لم يجب عليه حد القذف. وإن قال: أردت نفي نسبه من العرب إلى النبط بغير زنا.. ففيه وجهان:
أحدهما: لا يجب عليه الحد - وبه قال أبُو حَنِيفَة - لما رُوِيَ: أن ابن عبَّاس سئل عمن قال لنبطي: يا عربي، فقال:(لا حد عليه) . وعن الشعبي أنه قال: كلنا أنباط، يريد به: في الأصل. ولأن الله تَعالَى أوجب حد القذف بالقذف في الزِّنَى، وهذا لم يقذف بالزِّنَى، فلم يجب عليه الحد.
والثاني: يجب عليه حد القذف، وهو ظاهر النص، لأن الشافعيَّ، قال:(فإن قال: عنيت نبطي الدار أو اللسان.. أحلفته: ما أراد أن ينسبة إلى النبط. فإن نكل.. حلف المقذوف: أنه أراد نفيه، وحد له) . وبه قال مالك، وابن أبي ليلى، والليث، وأحمد، وإسحاق، واختاره ابن الصبَّاغ، لما رَوَى الأشعث بن قيس: أن النَّبيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«لا أوتى برجل يقول: إن كنانة ليست من قريش.. ألا جلدته»
ورُوِي عن ابن مَسعُودٍ: أنه قال: (لا حد إلا في اثنين: قذف المحصنة، أو نفي رجل من أبيه) . ومثل هذا لا يقوله إلا توقيفاً.
قال المسعوديُّ [في " الإبانة "] : فإن قال لقرشي: لست من قريش، أو لتيمي: لست من تيم.. نظرت: فإن قال: أردت به أنه ليس من صلب قريش.. لم يصدق، وكان قاذفاً. وإن قال: أردت أن واحدة من أمهاته في الجاهلية زانية.. لم يكن قذفاًًًً؛