قطع، إلا ما آواه المراح وليس في شيء من الثمر المعلق قطع إلا ما آواه الجرين، فما أخذ من الجرين فبلغ ثمن المجن.. ففيه القطع» . فأسقط القطع في الماشية إلا ما آواه المراح وفي الثمر المعلق إلا ما آواه الجرين وليس بين الحالين فرق إلا أن الشيء محرز في أحد الوضعين دون الآخر، فدلَّ على أن الحرز شرط في إيجاب القطع. وقوله:(حريسة الجبل) لها تأويلان:
أحدهما: أنه أراد سرقة الجبل، لأن السارق يسمى: الحارس، و (الحريسة) : السرقة.
والثاني: أنها مسروقة الجبل.
إذا ثبت هذا: فالحرز يختلف باختلاف المال المحرز، وقد يكون الحرز حرزاً لبعض الأموال دون بعض.
وقال أبُو حَنِيفَة:(ما كان حرزا لشيء من الأموال.. كان حرزا لجميع الأموال)
دليلنا:«أن النَّبيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جعل حرز الماشية المراح، وجعل حرز الثمر المعلق الجرين» ، لأنهما مالان فدلَّ على: أن الحرز يختلف باختلاف الأموال. ولأن كل ما ورد به الشَّرع مطلقا وليس له حد في اللغة ولا في الشَّرع.. كان المرجع في حده إلى العرف والعادة. كما قلنا في التفرق والقبض في البيع، ووجدنا في العرف والعادة أن الأحراز تختلف باختلاف الأموال، فكان الاعتبار في الحكم بالقطع بذلك.
إذا تقرر هذا نظرت: فإن كان المال من الذهب، أو الفضة، أو الجواهر، أو من متاع البزازين أو العطارين، أو الصيادلة فإن ترك في الدكان في السوق، وأغلق عليه الباب وأقفل.. فهو محرز بالنهار. وأمَّا الليل: فإن كان الأمن ظاهرا ً.. فهو محرز بذلك، وإن كان الأمن غير ظاهر، فإن كان في الدكان أو في