فإن سرق منها وهي في المرعى.. نظرت: فإن كان معها راع وهو ينظر إلى جميعها أو يبلغها صوته إذا زجرها.. قطع، لأنها محرزة. وإن كان لا ينظر إليها، بأن غابت عنه بجبل أو غيره، أو نام عنها، أو تشاغل، أو كان ينظر إليها ولا يبلغها صوته إذا زجرها، لم يقطع لأنها غير محرزة، وإن كان ينظر إلى بعضها دون بعض.. قطع سارق الذي ينظر إليه دون الذي لا ينظر إليه.
وإن سرق منها وهي مناخة، فإن كان معها حافظ ينظر إليها.. فهي محرزة. وإن كان لا ينظر إليها ولكنها معقولة، أو معها حافظ لها بقربها.. فهي محرزة، سواء كان مستيقظاً أو مشتغلاً عنها أو نائماً، لأن العادة جرت: أن الرعاة والمسافرين إذا أرادوا النوم.. عقلوا إبلهم وناموا بقربها، لأن حل العقال: يوقظ النائم وينبه المتغافل. وإن كانت غير معقلة وحافظها نائم بقربها، أو كانت معقلة ولا حافظ معها نائم ولا مستيقظ.. لم يقطع سارقها، لأنها غير محرزة، لأن العادة لم تجر بإحرازها هكذا.
وإن سرق منها وهي مقطرة، فإن كان معها سائق ينظر إليها، ويبلغها صوته إذا زجرها، أو كان لها قائد ينظر إليها إذا التفت وأكثر الالتفات إليها ويبلغها صوته إذا زجرها.. قطع سارقها، لأنها محرزة به. هكذا ذكر الشيخ أبُو إسحاق.
وأمَّا الشيخ أبُو حامد، وأكثر أصحابنا: فلم يشترطوا بلوغ صوته إليها في شيء من ذلك كله. وقال أبُو حَنِيفَة) إذا كان قائدا لها، فليس فيها محرز إلا التي بيده زمامها) .
دليلنا: أن العادة جرت في حفظ الإبل بمراعاتها بالالتفات، فكان ذلك حرزاً لها كالتي زمامها بيده.
إذا ثبت هذا: فإن أصحابنا العراقيين لم يقدروا القطار بعدد، بل اشترطوا ما مَضَى.
وأمَّا المسعوديُّ [في " الإبانة "] : فاشترط أن لا يزيد القطار الواحد على تسع، لأن هذا هو العرف في القطار، فإن زاد القطار على ذلك.. كان ما زاد غير محرز.