قال ابن داود: شرط الشافعي في الحاكم والمفتي شروطا لا توجد إلا في الأنبياء.
ومن أصحابنا من قال: شرط الشافعي شروطا في الحاكم والمفتي تمنع أن يكون أحد بعده حاكما أو مفتيا. وهذا ليس بصحيح؛ لأنه قد يسهل تعلمه الآن؛ لأنه قد دون وجمع. هذا نقل أصحابنا العراقيين.
وقال الخراسانيون: أما القاضي: فعلى ما مضى، وأما المفتي: فإن الرجل إذا عرف مذهب إمام حبر ولم يبلغ مبلغ المجتهدين.. فهل يجوز له أن يفتي على مذهب ذلك الإمام؟ فيه وجهان:
أحدهما: يجوز، وهو اختيار القفال.
والثاني: لا يجوز.
وأصل هذا: أن المستفتي، هل هو مقلد للمفتي أو للميت وهو صاحب المذهب؟ فيه وجهان.
فإن قلنا: إنه مقلد لصاحب المذهب.. جاز له أن يفتي. وإن قلنا: إنه مقلد للمفتي.. لم يجز له أن يفتي.
هذا مذهبنا، وبه قال أحمد.
وقال أبو حنيفة:(لا تشترط هذه الشرائط في القاضي، بل يجوز أن يكون عاميا ويقلد العلماء ويحكم) .
دليلنا: قَوْله تَعَالَى: {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ}[المائدة: ٤٨][المائدة: ٤٨] ، والتقليد ليس مما أنزل الله. ولما روي: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «القضاة ثلاثة: واحد في الجنة واثنان