نصف شهر -وروي في بضعة عشر يوما - فكنت أقرأ كتبهم على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأكتب له إليهم» . ولأن الحاكم يشتغل بالاجتهاد وتنفيذ الحكم، وقد يحتاج إلى كاتب يكتب له المحاضر والسجلات، فجاز له اتخاذ الكاتب.
ومن شرط الكاتب أن يكون حافظا؛ لئلا يغلط وأن يكون ثقة لئلا يزور عليه وينقل عليه سره وأخبار مجلسه إلى غيره.
ويستحب أن يكون فقيها ليعرف مواقع الألفاظ، ويفرق بين الجائز والواجب. ويستحب أن يكون فصيحا، عالما بلغات الخصوم، فطنا، متيقظا، لا يخدع بغرة، منزها من الطمع، ولا يستمال بهدية، قوي الخط قائم الحروف.
وهل يشترط أن يكون مسلما أو لا يشترط؟ فيه وجهان:
أحدهما: أن الإسلام شرط فيه؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالا}[آل عمران: ١١٨][آل عمران: ١١٨] ، وقَوْله تَعَالَى:{لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ}[الممتحنة: ١][الممتحنة: ١] . وإذا كان الكاتب كافرا.. فقد اتخذه بطانة ووليا.
وروي: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«لا تستضيئوا بنار المشركين» أي برأيهم. وهذا قد استضاء بهم في الكتابة.