شهادتهما. وإن علم عدالتهما ظاهرا وباطنا.. قبل شهادتهما بلا خلاف بين أهل العلم في ذلك.
وإن جهل الحاكم حالهما.. نظرت:
فإن جهل إسلامهما.. رجع في ذلك إلى قولهما؛ لما روي: «أن أعرابيا شهد عند النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - برؤية الهلال، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " أتشهد أن لا إله إلا الله؟ " فقال: نعم. قال:" أتشهد أن محمدا رسول الله؟ " فقال: نعم، فصام النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأمر الناس بالصيام» .
وإن جهل حريته.. ففيه وجهان:
أحدهما: يرجع في ذلك إلى قوله، كما يرجع إليه في إسلامه.
والثاني: لا يرجع إلى قوله؛ لأن حريته لا تثبت بقوله، وإسلامه يثبت بقوله.
وإن عرف الحاكم إسلام الشاهدين وحريتهما، وجهل عدالتهما.. فلا يجوز أن يحكم بشهادتهما، حتى يبحث عن عدالتهما في الظاهر والباطن، سواء شهدا بحد أو قصاص أو مال. وبه قال أبو يوسف ومحمد وأحمد.
وقال أبو حنيفة:(إن شهد بحد أو قصاص.. لم يحكم بشهادتهما حتى يبحث عن عدالتهما. وإن شهدا بمال أو نكاح أو غير ذلك.. فإنه يقتصر في العدالة على الظاهر ولا يسأل عن ذلك في الباطن، إلا أن يجرحهما الخصم، أو يقول: هما فاسقان، أو غير ذلك.. فحينئذ يحتاج أن يسأل عن عدالتهما في الباطن) .
دليلنا: قَوْله تَعَالَى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ}[البقرة: ٢٨٢] إلى قوله: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ}[البقرة: ٢٨٢][البقرة: ٢٨٢] ، ولا يعلم أنه مرضي حتى يبحث عن عدالته. وروي: (أن رجلا ادعى على رجل حقا عند عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فأنكر، فشهد بذلك شاهدان، فقال عمر: لا أعرفكما ولا يضركما أن لا أعرفكما، فأتياني بمن يعرفكما، فأتياه برجل، فقال: أتعرفهما؟ فقال: نعم، فقال: أكنت معهما في السفر الذي يتبين فيه جواهر