بدر، فقال بعضهم: يقتلون، وقال بعضهم: يفادون» . و:«شاور أهل المدينة يوم الخندق فيما قاله مالك بن عوف» . و:(شاور أبو بكر الصديق - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - في الجدة) . و:(شاورهم عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - في الجنين) . ولأن الإنسان لا يحيط علما بالشرع كله، وإنما يعلم البعض، وقد يخفى عليه البعض، فربما ذكر له من يستشيره ما يخفى عليه منه.
ولا يستحب له أن يشاور إلا من بلغ درجة الاجتهاد في الفقه؛ لأن القصد معرفة الأدلة، وهذا لا يدركه إلا من بلغ مبلغ الاجتهاد.
قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (ويشاور الموافق والمخالف، ويذكر كل واحد ما عنده فيها من المذهب والدليل؛ ليسهل عليه الاجتهاد) .
وإذا شاور من عنده، وذكروا ما عندهم.. نظرت:
فإن اتفق اجتهاد الحاكم واجتهادهم.. حكم بذلك ولا كلام. وإن أداه اجتهاده إلى خلاف ما أداهم اجتهادهم إليه.. حكم بما أداه اجتهاده إليه، وليس لهم أن يعترضوا عليه؛ لأن في ذلك افتئاتا عليه.
وإن لم يؤد اجتهاده إلى شيء.، فإن كان الوقت ضيقا وخاف فوات الحكم إن اشتغل بالاجتهاد؛ بأن تحاكم إليه مسافران وخاف إن اشتغل بالاجتهاد فوات الرفقة.. فهل يجوز له أن يقلد غيره؟ فيه وجهان:
[أحدهما] : قال أبو العباس: يجوز له أن يقلد غيره ويحكم بقوله.
[والثاني] : قال أكثر أصحابنا: لا يجوز.
وأصل هذا الاختلاف بينهم: في البصير إذا لم يعرف القبلة وضاق عليه الوقت.. هل له أن يقلد غيره؟ فإن كان الوقت واسعا.. فلا يجوز له أن يقلد غيره ويحكم به،