فـ[الأول] : منهم من قال: الحق عند الله في واحد من الأقوال وقد نصب الله عليه دليلا وأمر بالتوصل إليه والنظر فيه، فمن أداه اجتهاده إليه.. كان مصيبا عند الله ومصيبا في الحكم، وله أجران: أجر لاجتهاده وأجر لإصابته الحق. وإن أخطأه.. كان مخطئا عند الله مخطئا في الحكم، إلا أنه لا يأثم وله أجر. وبه قال مالك وجماعة من أهل العلم.
و [المذهب الثاني] : منهم من قال: الحق عند الله تعالى في واحد من الأقوال، فمن أداه اجتهاده إليه.. كان مصيبا عند الله في الحكم، وله أجران. فإن أخطأه.. كان مخطئا عند الله ومصيبا في الحكم وذلك فرضه وله أجر عليه. وبه قال أبو حنيفة وأهل العراق.
و [المذهب الثالث] : منهم من قال: كل مجتهد مصيب، والحق في قول كل واحد من المجتهدين، وفرض كل واحد من المجتهدين ما يغلب على ظنه ويؤديه إليه اجتهاده. وبه قالت الأشعرية والمعتزلة وأكثر المتكلمين.
واختلف أصحابنا في حكاية مذهب الشافعي في ذلك:
فذهب أبو إسحاق المروزي، والقاضي أبو الطيب، وأكثر أصحابنا: إلى أن مذهبه هو الأول، قولا واحدا.
ومنهم من قال: بل له في ذلك قولان:
أحدهما: أن الحق عند الله في واحد من الأقوال، إن أصابه.. كان مصيبا للحق عند الله وفي الحكم، وإن أخطأه.. كان مخطئا عند الله وفي الحكم، ولا إثم عليه.
والثاني: أن الحق عند الله في واحد من الأقوال، إن أصابه المجتهد.. كان مصيبا عند الله وفي الحكم، وإن أخطأه.. كان مخطئا عند الله مصيبا في الحكم.
واختار الشيخ أبو حامد هذا الطريق، قال: لأن للشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - مسائل مثلها على قولين:
منها: إذا اجتهد في القبلة، فصلى إلى جهة، ثم تيقن بعد الفراغ منها أنه صلى إلى غير جهة القبلة.