ويستحب أن يجلس وعليه السكينة والوقار؛ لما روي:«أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رأى رجلا متكئا على يساره، فقال: " هذه جلسة المغضوب عليهم» .
ويستحب أن يكون على رأسه محضر يقدم المتقدم من الخصوم، ويؤخؤ المتأخر، ويكون ثقة أمينا؛ لئلا يقدم المتأخر ويؤخر المتقدم. ويكون القمطر بين يديه مختوما؛ ليجعل فيه ما يجتمع من المحاضر والسجلات.
وإن كان له كاتب.. فهو بالخيار: إن شاء أجلسه عنده، وإن شاء أجلسه بالبعد منه. فإن أجلسه عنده.. فالمستحب: أن يجلسه بين يديه؛ لينظر ما يكتب ولا يحتاج أن يلتفت إليه. وإن أجلسه بالبعد منه وأقر الخصم.. بعثه إليه ليكتب إقراره.
قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: (ويكتب الحاكم اسم المقر؛ لئلا يجحد الإقرار عند الكاتب) .
قال أبو بكر الصيرفي: كنت عند بعض الحكام، فتقدم إليه خصمان، فادعى أحدهما على الآخر، فأقر المدعى عليه بذلك، فبعث بهما إلى الكاتب ليكتب إقرار المقر منهما، فلما حصلا عند الكاتب.. قال كل واحد منهما للآخر: أنت الذي أقررت، فردا إلى الحاكم، فلم يعرف عين المقر منهما، فضاع الحق المقر به.
ويستحب للقاضي أن يجمع الشهود في موضع قضائه، فإن قلنا: إن للقاضي أن يحكم بعلمه.. فهو بالخيار: إن شاء أجلسهم بحضرته، وإن شاء أجلسهم بالبعد منه حتى إذا احتاج إلى إشهادهم.. أحضرهم. وإن قلنا: ليس له أن يقضي بعلمه..