كسرى بن هرمز، أما بعد.. أسلموا تسلموا "، فلما بلغه الكتاب.. مزقه، فبلغ ذلك النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: " تمزق ملكه» فملك الروم باق إلى اليوم، وملك المجوس تمزق وذهب.
وأجمعت الأمة: على جواز الكتاب والعمل به؛ لأن الحاجة داعية إلى ذلك.
إذا ثبت هذا: فإن كتب القاضي بما حكم به.. قبله المكتوب إليه ونفذ حكمه، سواء كانت بينهما مسافة قريبة أو بعيدة.
وإن كتب إليه يعلمه بشهادة شاهدين على رجل قبل أن يحكم بشهادتهما.. فإنه يقول: شهدا عندي بكذا، ولا يقول: ثبت عندي؛ لأن ثبوته عنده حكم منه به، فلا يجوز للمكتوب إليه العمل به إلا إذا كان بينهما مسافة تقبل فيها شهادة الفرع على شهادة الأصل، وفي قدرها وجهان:
أحدهما: مسافة القصر.
والثاني: ما لا يمكنه أن يمضي من أحد الموضعين إلى الآخر أول النهار ويأوي إليه بالليل من حيث مضى.
وحكى الطحاوي عن أبي حنيفة:(أنه يجوز له العمل به في المسافة القريبة والبعيدة) .
دليلنا: أن القاضي الكاتب كشاهد الأصل، والشهود على الكتاب كشاهد الفرع، وشاهد الفرع لا يقبل على شاهد الأصل فيما قرب من المسافة، فكذلك هذا مثله.
والفرق بين أن يكتب إليه فيما حكم به، وفيما شهد به عنده ولم يحكم به هو: أن ما حكم به.. قد لزم الحكم به، فوجب على كل أحد تنفيذه وإمضاؤه. وما شهد به