وامتنع الآخر.. لم يجبر الممتنع؛ لأن الأغراض تختلف في ملك الأجناس.
وإن طلب أحدهما أن تقسم العين الواحدة من ذلك جزأين، وامتنع الآخر، فإن كانت قيمتها لا تنقص بذلك، كالثياب الغليظة وما أشبهها.. أجبر الممتنع على ذلك. وإن كانت قيمتها تنقص بذلك، كالثياب الرقيقة..لم يجبر الممتنع على ذلك؛ لأن فيه ضررا. فإن تراضيا على ذلك وقسماها.. جاز.
وإن طلب أحدهما أن يعدل الجنس الواحد بالقيمة وأمكن تعديله بذلك، وامتنع الآخر.. ففيه وجهان:
أحدهما - وهو قول أبي علي بن خيران وأبي علي بن أبي هريرة -: أنه لا يجبر الممتنع؛ لأنها أعيان متفرقة، فلا يجبر على قسمة بعضها ببعض، كالدور.
والثاني - وهو قول أكثر أصحابنا، وهو المذهب -: أنه يجبر على ذلك؛ لأنه لا يمكن قسمتها من غير ضرر إلا بذلك، فوجبت قسمتها كذلك، كالدار الواحدة.
وإن كان المشترك حيوانا غير الرقيق، فإن كان أجناسا.. لم يقسم جنس في جنس إلا بالتراضي، وإن طلب أحدهما أن يقسم الجنس الواحد بعضه ببعض بالتعديل بالقيمة وامتنع الآخر.. فهل يجبر الممتنع؟ على الوجهين في التي قبلها.
وإن كان رقيقا.. فقد ذكر الشيخ أبو إسحاق: أنها على الوجهين، كغير الرقيق.
وقال ابن الصباغ: يجبر الممتنع وجها واحدا - وبه قال أبو يوسف ومحمد - لـ:(أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «جزأ العيد الستة الذين أعتقهم الرجل في مرض موته ثلاثة أجزاء وأقرع بينهم» ، ولأن الرقيق لما وجب تكميل الحرية فيه.. دخلته قسمة الإجبار بالقيمة، بخلاف غيره.
وقال أبو حنيفة: (الرقيق لا يقسم؛ ولأنه تختلف منافعه) .
ودليلنا عليه: الخبر، ولأنه يمكن تعديله بالقيمة، كسائر الأموال.