مؤرخة، فإن كان الاختلاف في جنس الكراء، أو في عين المكرى، أو في جنس الثمن.. فهما متعارضتان بلا خلاف على المذهب؛ لأن كل واحدة منهما تكذب الأخرى. وإن كان الاختلاف في قدر الكراء، أو في قدر المكرى، أو في قدر المدة، أو في قدر الثمن، أو في قدر المثمن، أو في قدر الأجل.. فالمنصوص:(أنهما متعارضتان) . وقد خرج أبو العباس قولا آخر: أنهما غير متعارضتين، بل يقضى بالبينة التي تشهد بالزائد من ذلك كله، كما لو شهد شاهدان: أن لفلان على فلان ألف درهم، وشهد آخر: أن له عليه ألفين.. فإنه يحكم عليه بالألفين. وهذا خطأ؛ لأن كل واحدة من البينتين مكذبة للأخرى، فهو كما لو شهدت بينة لرجل بملك عين وشهدت بينة أخرى لآخر بملكها، وتخالف البينتين في الألف والألفين؛ لأن كل واحدة منهما لا تكذب الأخرى. وكل موضع قلنا: إنهما متعارضتان.. ففيهما قولان:
أحدهما: تسقطان.
فعلى هذا: يكون كما لو لم يكن لأحدهما بينة فيتحالفان.
والثاني: تستعملان، ولا يجيء هاهنا الوقف؛ لأن العقود لا توقف، ولا تجيء القسمة؛ لأنهما يختلفان في عقد والعقد لا ينقسم، وتجيء القرعة، فيقرع بينهما، فمن خرجت له القرعة.. قضى له.
قال المسعودي [في " الإبانة "] : وإن كانت كل واحدة من البينتين زائدة من وجه ناقصة من وجه؛ مثل أن يقول المكري: أكريتك بيتا بعشرين، وقال المكتري: بل اكتريت منك جميع الدار بعشرة.. ففيه قولان:
أحدهما: أنهما متعارضتان.
والثاني: يجمع بين الزيادتين، فيجعل جميع الدار مكراة بعشرين.
وأظن المسعودي فرع هذا على قول أبي العباس: أنه يقضي بالبينة التي تشهد بالزيادة، فأما على المذهب: فهما متعارضتان قولا واحدا.
قال المسعودي [في " الإبانة "] : وإن قال أحدهما: استأجرت هذه الدار من زيد في شهر رمضان لسنة كذا بكذا، وأقام على ذلك بينة، وقال الآخر: استأجرتها من زيد