وكذبه أخوه وقال: لم يقتله هذا.. سقط اللوث في حق المكذب وأما المدعي.. ففيه قولان:
أحدهما: يسقط اللوث في حقه؛ لأن اللوث أمر يحكم فيه بغلبة الظن، وتكذيب أحد الابنين لأخيه لا يدل على صدق المدعي من جهة غلبة الظن، فتعارضا وسقطا، وبقي القتل بغير لوث.
فعلى هذا: يحلف المدعى عليه.
والثاني: لا يسقط اللوث - وهو اختيار المزني - لأن اللوث في الأيمان في القسامة كالشاهد واليمين في سائر الدعاوى في الأموال، ثم ثبت أن أحد الأخوين لو ادعى على رجل مالا لأبيه، وأقام على ذلك شاهدا وكذبه الآخر.. لم تسقط اليمين في حق المدعي، وله أن يحلف معه، كذلك هاهنا مثله.
فعلى هذا: يحلف المدعي ويستحق على المدعى عليه نصف الدية.
إذا ثبت هذا: فإن المزني نقل في تكذيب أحدهما للآخر: (أن يكون المكذب عدلا، وأن يقول المكذب: إن المدعى عليه كان في الوقت الذي قتل فيه ببلد لا يمكن أن يصل إليه.. ففيه قولان) ، واختلف أصحابنا في ذلك:
فمنهم من قال: هذا شرط في القولين كما نقله المزني؛ لأن إبطال اللوث إنما يكون بما هو صحيح في الظاهر، فلا يبطل بقول الفاسق.
وقال أكثر أصحابنا: ليس ذلك شرطا، وإنما أراد تصويرها بذلك، وقد تتصور بغير ذلك، وقد قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " الأم ": (والعدل والفاسق سواء؛ لأنه جحود في حق نفسه) .
وإن قال أحد الابنين: قتله هذا وحده، وقال الابن الثاني: قتله هذا وآخر معه.. فإن هذا تكذيب له في نصف الدية.
فإن قلنا: إن التكذيب لا يؤثر في اللوث.. فإن الذي ادعى أنه قتله وحده يقسم