أحدهما: قَوْله تَعَالَى: {وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ}[البقرة: ٢٨٣][البقرة: ٢٨٣] ومعناه: فلم تجدوا من يشهد على الكتاب؛ لأن مجرد الكتابة لا تقع به الوثيقة.
والثاني: أن الله تعالى ذكر الوثائق في الآية ثم قال: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ}[البقرة: ٢٨٣][البقرة: ٢٨٣] فأخبر أنه إذا لم يستوثق بهذه الوثائق وأمن به.. فإنه يجوز، وندب المؤتمن إلى أداء الأمانة في ذلك.
وروي: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ابتاع من أعرابي فرسا فتبعه ليوفيه الثمن فطفق الناس يعترضونه ويساومونه ولا يشعرون أنه باع، فنادى النبيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إن ابتعته وإلا بعته؟ فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " أليس قد بعته؟! " فقال الأعرابي: هلم شهيدا، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " من يشهد لي؟ " فقال خزيمة بن ثابت: أنا أشهد عليك بالبيع، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " بم تشهد ولم تحضر؟! " فقال: نصدقك على أخبار السماء ولا نصدقك على أخبار الأرض! فسماه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " ذا الشهادتين» .
إذا ثبت هذا: فإنه يستحب الإشهاد على البيع؛ لما روي: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«ثلاثة لا يستجاب لهم دعوة: رجل باع ولم يشهد عليه، ورجل له امرأة سوء ولم يطلقها، ورجل دفع ماله إلى سفيه» . وهذا نهي إرشاد لا نهي تحريم.