للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأكلت الفرس، وأكلت الفيل. ولا يفسق بذلك، ولا ترد به الشهادة. وبه قال مالك. وقال أبو حنيفة: (ترد به الشهادة) .

دليلنا: أن الشطرنج موضوع على تعلم تدبير أمر الحرب، وربما يتعلم الإنسان بذلك القتال، وكل سبب يتعلم به أمر الحرب والقتال.. كان مباحا؛ بدليل ما روي «عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: أنها قالت: (مررت ورسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بقوم من الحبشة يلعبون بالحراب، فوقف رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ينظر إليهم، ووقفت من خلفه، فكنت إذا عييت.. جلست، وإذا قمت.. أتقي برسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» . ولأنه أخف ممن يرى استباحة نكاح المتعة، وبيع الدرهم بالدرهمين، وإتيان النساء في أدبارهن، فإذا لم ترد الشهادة بهذه الأسباب.. فلأن لا ترد باللعب بالشطرنج أولى.

وإن لعب به فنسي الصلاة حتى خرج وقتها، فإن كان ذلك نادرا من أفعاله.. لم ترد به الشهادة. وإن أكثر من ذلك.. ردت به شهادته.

وإن لعبه على الطريق، أو تكلم في لعبه بما يسخف من الكلام.. فهو من الصغائر، فإن أكثر منه.. ردت به شهادته، وإن لم يكثر منه.. لم ترد شهادته.

وإن لعب فيه على عوض؛ بأن أخرج كل واحد منهما عوضا على أن من غلب منهما أخذه.. فسق بذلك وردت به شهادته؛ لأنه قمار، والقمار محرم.

وإن أخرج أحدهما العوض دون الآخر على أن من غلب منهما أخذه.. لم يصح؛ لأنه ليس من آلات الحرب، وحكم رد شهادته كحكم ما لو لم يخرج فيه عوض على ما مضى؛ لأنه ليس فيه قمار.

<<  <  ج: ص:  >  >>