وشرائهن، وثمنهن حرام» ، فحصل الإجماع أن ثمنهن لا يحرم، وأقل ما في هذه الأخبار أنها تقتضي الكراهة. وروي:(أن رجلا سأل ابن عباس عن الغناء: أحلال هو؟ قال: لا، قال: أحرام هو؟ قال: لا، قال: فما هو؟ قال: إذا كان يوم القيامة وجمع الله الحق والباطل أيكون الغناء مع الحق؟ قال: لا، قال: فإذا لم يكن مع الحق كان مع الباطل؟ قال: لا، قال: أفتيت نفسك) . وهذا تصريح منه أنه ليس بمباح. وأما الأخبار التي استدلوا بها على إباحته: فإنها لا تدل على أنه مباح، بدليل ما ذكرناه، بل تدل على أنه غير محرم، وعلى أنا نحملها على نشيد الأعراب دون التغني بالألحان التي تطرب.
إذا ثبت هذا: فإن اتخذ الرجل الغناء صناعة يغشاه الناس في منزله ليسمعوه أو يستدعونه إلى منازلهم ليسمعهم ذلك.. ردت شهادته؛ لأن ذلك سفه وترك مروءة. وإن كان لا يسعى إليه، بل يترنم لنفسه، ولا يغني للناس.. لم ترد شهادته بذلك؛ لأن مروءته لا تذهب بذلك.
وإن اتخذ الرجل غلاما مغنيا أو جارية مغنية، فإن كان يدعو الناس إلى سماعهما.. ردت شهادته بذلك؛ لأن ذلك سفه وترك مروءة، والجارية أشد كراهية من الغلام؛ لأنه دناءة.