ومن أصحابنا من قال: صورتها: أن يموت رجل ويخلف ثلاثة أولاد، فادعى أحد الأولاد الثلاثة على رجل أجنبي في يده دار أن أباه وقف عليه الدار وعلى أخويه ثم على أولادهم ثم على الفقراء، وأنكر من بيده الدار، وأقام المدعي شاهدا، فإن قلنا: لا يحكم بالشاهد واليمين في الوقف.. فلا كلام. وإن قلنا: يحكم بالشاهد واليمين في الوقف.. نظرت: فإن حلف الأولاد الثلاثة.. حكم بجميع الدار وقفا عليهم. وإن لم يحلف واحد منهم.. كانت الدار ميراثا لمن هي في يده. وإن حلف أحد الأولاد وامتنع الآخران من اليمين.. حكم بثلث الدار وقفا على الحالف، وكان ثلثاها ميراثا لمن هي في يده. قال: والدليل على أن هذه صورتها: قوله: (فمن حلف منهم.. ثبت نصيبه وقفا، وصار ما بقي ميراثا) . وهذا إنما يتصور على هذه الطريقة، وأما على الطريقة الأولى: فمن لم يحلف من الأولاد.. صار نصيبه وقفا بإقراره. وقال الشيخ أبو حامد وأكثر أصحابنا: الصحيح: أن صورتها ما ذكره أبو إسحاق، والدليل عليه قوله:(وأقام عليه شاهدا أن أباه تصدق عليه) ، وهذا كناية ترجع على المذكور، وليس هاهنا مذكور إلا المدعي، وأما ما احتج به الأول وهو قوله:(صار ما بقي ميراثا) فله تأويلان:
أحدهما: أنه أراد أن نصيب من حلف نحكم بأنه وقف من الواقف، ونصيب من لم يحلف لا يحكم بأنه وقف منه وإنما يصير وقفا بإقراره.
والثاني: أنه أراد أن نصيب من أنكر الوقف من الورثة، فأما نصيب الأولاد.. فلم يتعرض له.
إذا ثبت هذا، وحلف الأولاد الثلاثة مع الشاهد ثم ماتوا دفعة واحدة وخلفوا أولادا وقد كان الواقف شرط انتقال الوقف إلى أولادهم بعدهم.. فهل يحتاج أولاد الأولاد أن يحلفوا؟ فيه وجهان:
أحدهما - وهو قول أبي إسحاق، وأكثر أصحابنا -: أنهم لا يحتاجون أن يحلفوا، وهو ظاهر المذهب؛ لأن الوقف إذا ثبت للأصل بيمينه مع الشاهد.. لم يحتج في