للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن مات شاهد الأصل أو غاب أو مرض مرضا يشق عليه معه الوصول إلى مجلس الحاكم، أو كان محبوسا في موضع لا يقدر على الوصول إلى مجلس الحاكم.. جاز للحاكم سماع شهادة شاهدي الفرع عليه والحكم بها.

وقال الشعبي: لا تسمع شهادة شاهدي الفرع إلا إذا مات شاهد الأصل.

دليلنا: أنه قد تعذر حضور شاهد الأصل، فجاز سماع شهادة شاهدي الفرع والحكم بها، كما لو مات شاهد الأصل.

واختلف أصحابنا في حد غيبة شاهد الأصل التي يجوز فيها سماع شهادة شاهدي الفرع والحكم بها:

قال بعضهم: هو أن يكون شاهد الأصل في موضع من موضع الحاكم لو حضر منه إلى مجلس الحكم وأقام الشهادة فيه.. لم يمكنه أن يأوي في الموضع الذي خرج منه، فأما بدون ذلك.. فلا تقبل فيه شهادة شاهدي الفرع على شاهد الأصل - وبه قال أبو يوسف - لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ} [البقرة: ٢٨٢] [البقرة: ٢٨٢] ، وفي تكليف الشاهد سفر يوم إلى الليل إضرار به.

وقال القاضي أبو الطيب: إذا كان بين الشاهد وموضع الحاكم مسافة القصر.. جاز سماع شهادة شاهدي الفرع، وإن كان بينهما أقل من ذلك.. لم يجز سماع شهادة شاهدي الفرع - وبه قال أبو حنيفة، إلا أن مسافة القصر عنده: ثلاثة أيام، وعندنا: يومان - لأن ما دون مسافة القصر في حكم الحضر.

وقال الشيخ أبو حامد: لا يعتبر في ذلك حد، وإنما يعتبر خوف المشقة غالبا، فإن كان شاهد الأصل لا تلحقه مشقة غالبا في الحضور.. لم تسمع شهادة شاهدي الفرع عليه، وإن كان يلحقه مشقة غالبا في الحضور.. سمعت شهادة شاهدي الفرع عليه. وقوله قريب من الوجه الأول إلا أنه غير محدود عنده.

<<  <  ج: ص:  >  >>