بينهما. واختلف أصحابنا في صورة هذه المسألة وحكمها:
فقال أبو العباس وأبو إسحاق وأكثر أصحابنا: صورتها: أن يشهد أجنبيان أن فلانا المتوفى أوصى بعتق عبده غانم وهو ثلث ماله، وشهد وارثان: أنه أوصى بعتق سالم وهو ثلث ماله، فعبر الشافعي عن الوصية بالعتق؛ لأن الوصية وقعت بالعتق، فإذا كان هذا صورتها.. فإنه يقرع بينهما كما قال المزني. وقول الشافعي:(فسواء، ويعتق من كل واحد منهما نصفه) لم يرد به تبعيض العتق فيهما، وإنما أراد: أن شهادة الأجنبيين كشهادة الوارثين لا مزية لأحدهما على الآخر، وأن العبدين سواء يجب أن يقسم الثلث بينهما كما يقسم في الوصايا غير العتق في القياس، إلا إن السنة منعت من قسم الثلث في العتق ووردت في الإقراع.
ومن أصحابنا من قال: صورتها: كما قال أبو العباس وأبو إسحاق، ولكن الحكم ما ذكره الشافعي، وهو: أن يعتق من كل واحد منهما نصفه، ولكن لا يعتق من كل واحد منهما نصفه، إلا إذا كان في كلام الموصي ما يدل على أنه قصد تبعيض الحرية في العبدين؛ بأن يشهد الأجنبيان أنه قال: أعتقوا هذا العبد وإن لم يحتمل الثلث إلا نصفه فأعتقوا نصفه، وشهد الوارثان بمثل ذلك لعبد آخر؛ لأنه قد علم من الموصي أنه أراد تبعيض الحرية فيهما، كما لو أوصى أن يعتق من كل واحد منهما نصفه، فأما إذا لم يكن في كلام الموصي ما يدل على أنه قصد تبعيض الحرية فيهما.. فإنه يقرع بينهما.
ومن أصحابنا من خالف أبا إسحاق وأبا العباس في صورتها وحكمها وقال: صورتها: أن الشهادتين وقعتا بالعتق المنجز لا بالوصية، والحكم في ذلك: أنه إن عرف المعتق منهما أولا.. عتق ورق الثاني، وإن لم يعرف السابق منهما.. ففيه قولان:
أحدهما: أنه يقرع بينهما، فأيهما خرج له سهم العتق.. عتق ورق الآخر؛ لأن كل واحد منهما يحتمل أن يكون هو الذي أعتقه أولا فيعتق ويرق الآخر، وليس لأحدهما مزية على الآخر فأقرع بينهما، كما لو أعتقهما معا.
والثاني: يعتق من كل واحد منهما نصفه؛ لأنا نعلم أن أحدهما حر والآخر رقيق، فإذا أقرعنا بينهما.. لم نأمن أن تخرج الحرية لمن هو رقيق، والرق على من هو حر، ولا مزية لأحدهما على الآخر، فأعتق من كل واحد منهما نصفه لتساويهما. ويخالف