وروى إبراهيم البلدي، عن المزني: أن الشافعي رجع عن تنجيس شعور بني آدم.
واختلف أصحابنا في ذلك:
فمنهم: من لم يثبت هذه الرواية، وقال: ينجس الشعر بالموت قولًا واحدًا.
ومنهم: من أثبتها، وهو الصحيح. واختلفوا فيها:
فمنهم من قال: إنما رجع الشافعي عن تنجيس شعر بني آدم؛ لأنه ثبت عنده أن الشعر والصوف والوبر لا روح فيه، فيكون في الشعور قولان:
أحدهما: لا روح فيها، ولا تنجس بالموت، وهو قول مالك، وأبي حنيفة، وأحمد، وإسحاق، والثوري، والمزني، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا بأس بمسك الميتة إذا دبغ، ولا بأي بصوفها وشعرها إذا غسل بالماء» ؛ ولأنه لو كان فيه روح.. لكان نجس بالقطع، كالأعضاء.
فعلى هذا: لا يوجد شعر نجس العين إلا شعر الكلب والخنزير، وما تولد منهما، أو من أحدهما، وقد حكى فيه بعض أصحابنا الخراسانيين وجهًا آخر: أنه كسائر الشعور في الطهارة على هذا.
والقول الثاني: أن الشعور تحلها الروح، وتنجس بالموت. قال الشيخ أبو حامد: وهو الصحيح الذي به نفتي، وعليه نناظر، وبه قال عطاء، والحسن، والأوزاعي، والليث.
ووجهه: قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في شاة ميمونة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: «هلا أخذتم إهابها، فدبغتموه، فانتفعتم به» فلو جاز الانتفاع بالشعر.. لبين، كما بين في الجلد؛