لأنهما دينان ثبتا في ذمته ولم يختص أحدهما برهن، فاستويا في حق من وجب عليه، كما لو أقر بالجميع في الصحة أو في المرض.
وإن أقر في مرض موته لوارثه.. فقد قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: (فمن أجاز الإقرار لوارثه.. أجازه، ومن أبى.. رده) واختلف أصحابنا فيه: فمنهم من قال: فيه قولان:
أحدهما: لا يصح - وبه قال مالك وأبو حنيفة وأحمد - لأنه محجور عليه في حق غيره، ومن كان محجورا عليه في حق إنسان.. لم يصح إقراره له، كالصبي في حق جميع الناس.
والثاني: يصح إقراره له. وبه قال الحسن البصري، وعمر بن عبد العزيز، وأبو عبيد، وأبو ثور.
قال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي: وهو الأصح؛ لأنه يصح إقراره بوارث، فصح إقراره للوارث، كالصحيح. ولأنه يصح إقراره لغير الوارث، فصح إقراره للوارث، كالأجنبي.
وقال الشيخ أبو إسحاق الإسفراييني: يصح إقراره له قولا واحدا - كما ذكرناه - والقول الآخر حكاه عن غيره.
فإذا قلنا: يصح إقراره للوارث.. فلا تفريع عليه.
وإن قلنا: لا يصح إقراره للوارث.. فالاعتبار بالوارث كونه وارثا حال موت المقر دون حال الإقرار. فإن أقر لأخيه في مرض موته، ثم حدث له ابن قبل موته.. قبل إقراره لأخيه. وإن أقر لأخيه وله ابن، فمات ابنه قبله وصار الأخ وارثا له.. لم يصح إقراره له. هذا نقل أصحابنا العراقيين.
وقال الخراسانيون: هل الاعتبار في الإقرار بكونه وارثا حال موت المقر، أو حال إقراره؟ فيه قولان. المشهور: أن الاعتبار بكونه وارثا عند الموت؛ لأن ما يرد لأجل الورثة إنما هو حال الموت كالوصية.