لم يقبل قوله؛ لأنه قد أقر بوجوب ردها، فلا يقبل رجوعه. وإن قال: أتلفت بعد إقراري.. قبل قوله مع يمينه؛ لأنه يحتمل ما يدعيه.
وإن قال: علي لزيد ألف درهم، ثم جاء بألف ثم قال: هذه الألف التي أقررت بها وكانت وديعة له عندي، فإن صدقه زيد.. فلا كلام، وإن كذبه وقال: هذه وديعة لي عندك والتي أقررت بها لي غيرها.. ففيه قولان - حكاهما الشيخ أبو إسحاق -:
أحدهما: لا يقبل قوله - وحكى ابن الصباغ: أنه قول أبي حنيفة - لأن معنى قوله:(علي) للإيجاب وذلك يقتضي كونها في ذمته. ألا ترى أنه إذا قال: ما على فلان علي.. كان ضامنا؟ والوديعة ليست بواجبة عليه، فلم يقبل تفسيره بها.
والثاني: يقبل قول المقر مع يمينه - ولم يذكر ابن الصباغ ولا المسعودي [في ((الإبانة)) ق \ ٢٩٦] غيره - لأن الوديعة عليه حفظها وردها، فإذا فسر إقراره بقوله:(علي) بالوديعة.. قبل، كما لو قال: عندي له ألف درهم، ثم قال هي وديعة.. فإنه يقبل، و (علي) : بمعنى عندي؛ ولهذا قال الله تعالى:{وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ}[الشعراء: ١٤][الشعراء: ١٤] أي: عندي ذنب.
وإن قال: له علي ألف درهم في ذمتي، فجاء بألف وقال: الألف التي كنت أقررت لك بها كانت وديعة وتلفت عندي، وهذه بدلها.. قبل قوله؛ لأنه يجوز أن تكون تلفت بتعديه، أو بتفريطه فتكون بدلها في ذمته.
وأما إذا جاء بألف وقال: التي أقررت بها هي هذه وهي وديعة عندي، فقال المقر له: هذه وديعة لي عندك وتلك دين لي في ذمتك.. فهل يقبل قول المقر؟
إن قلنا في التي قبلها: لا يقبل قوله.. فهاهنا أولى.
وإن قلنا: تقبل هناك.. فهاهنا وجهان.
أحدهما: لا يقبل؛ لأن الوديعة لا تثبت بالذمة، بخلاف ما لو قال: علي ألف درهم ثم فسرها بالوديعة؛ لأنه لم يصرح بكونها في ذمته.