ذلك؛ لجواز أن يكون تزوج امرأة سرا، أو وطئ امرأة بشبهة وأتت منه بولد. فإن قالا: نشهد أنه لا وارث له غيره.. قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (سألتهما عن ذلك، فإن قالا: أردنا أنا لا نعلم له وارثا غيره.. كان كما لو صرحا به. وإن قالا: نريد به قطعا ويقينا.. قيل لهما: قد أخطأتما؛ لأنه قد يجوز أن يكون له وارث لا تعلمانه، ولا ترد شهادتهما بذلك) . وقال أبو حنيفة:(القياس أن ترد شهادتهما؛ لأنهما كذبا، ولكن لا ترد استحسانا) .
دليلنا: أنهما إذا صحباه الزمن الطويل وعرفا حاله.. جرى ذلك مجرى القطع، فلم ينسبا إلى الكذب. وإن لم يكونا من أهل الخبرة الباطنة بالميت، أو كانا من أهل الخبرة الباطنة به إلا أنهما لم يقولا: لا نعلم له وارثا سواه.. فإنه يثبت بذلك نسب المدعي، ولا يثبت بذلك نفي نسب غيره. فإن كان له فرض لا يحجب عنه، كالأبوين والزوجين.. أعطي أقل فرض يستحقه بحال، فيعطى كل واحد من الأبوين سدسا عائلا، ويدفع إلى الزوج ربع عائل. قال الشيخان - أبو حامد وأبو إسحاق -: ويدفع إلى الزوجة ثمن عائل. وقال أبو علي في " الإفصاح ": يدفع إليها ربع ثمن عائلا، وقد مضى مثل ذلك في (الدعاوى) .
وإن كان المدعي ممن له تعصيب.. بعث الحاكم إلى البلاد التي كان يسافر إليها الميت ويقيم بها فيسأل بها: هل له وارث؟ فإن لم يوجد له وارث ومضت مدة لو كان له وارث لظهر.. نظر في المدعي، فإن كان ممن لا يحجب، كالأب والابن.. دفعت التركة إليه.. وإن كان ممن يحجب، كالأخ وابن الأخ.. ففيه وجهان: