منها، فقال:«كل ذلك لم يكن» ، أي: ما قصرت الصلاة ولا نسيت، والسهو يجوز عليه، ولكنه لا يقرُّ عليه.
فإن قيل: أفيجوز للإمام أن يرجع إلى قول المأمومين، كما رجع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى قول المأمومين؟
فاختلف أصحابنا في الجواب عنه: فقال الشيخ أبو حامد: لم يرجع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى قولهم تقليدًا لهم، وإنَّما تذكَّر سهوهُ بقولهم، وبنى صلاته على يقين نفسه، لا بقولهم.
ومنهم من قال: إنَّما رجع إلى قولهم؛ لأنهم كانوا جماعة عظيمة، لا يجوز اجتماعهم على الخطأ. وهذا قول أبي عليٍّ في " الإفصاح ".
قال الشيخ أبو حامد: وحدُّ الكلام اليسير الذي لا تبطل صلاة الناسي به، هو الكلمة والكلمتان والثلاث ونحوها.
قال ابن الصباغ: حدُّ اليسير منه: مثل كلام النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لذي اليدين.
فإن كثر كلام الناسي. . ففيه وجهان:
[الأول] : من أصحابنا من قال: تبطل صلاته. وزعم هذا القائل أن هذا مذهب الشافعي؛ لأنه قال:(ومن تكلم في الصلاة ساهيًا، أو ترك شيئًا من صلب الصلاة. . بنى، ما لم يتطاول الفصل) .
قال ابن الصباغ: وهو الأصحُّ، ووجهه: أن الفصل إذا طال. . أبطل الصلاة، فكذلك الكلام.
و [الثاني] : قال أبو إسحاق: لا تبطل صلاته.
قال المحاملي: وهو القياس؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رُفع عن أُمتي الخطأ والنسيان..» . ولم يفرق بين القليل والكثير.
وأنه خطاب آدمي على وجه السهو. . فلم يبطل الصلاة، كاليسير، ويفارق القول الفعل، فإن الفعل آكد، أنه ينفذ إحبال المجنون، ولا ينفذ عتقه.