دليلنا: أنه قادر على القيام في موضع القيام، فلزمه القيام والبناء عليه، كما لو قعد التشهد الأول؛ ولأن زوال العذر لا يورث عملًا طويلًا، فلم تبطل الصلاة لأجله.
إذا ثبت هذا: فإن كان قد قرأ الفاتحة في جلوسه قال الشافعي: (أستحب له أن يعيدها في حال القيام؛ ليأتي بها على أكمل أحواله) ، وهذا يبطل قول من قال من أصحابنا: إن من قرأ فاتحة الكتاب مرتين في ركعة بطلت صلاته، ولا يجب عليه إعادتها؛ لأن فرض القراءة قد سقط عنه بالفراغ منها.
فإن قدر على القيام قبل أن يقرأ الفاتحة وجب عليه أن يقوم، ويقرأ الفاتحة في حال القيام، وإن قدر على القيام في أثناء الفاتحة وجب عليه أن يقوم، ويتم قراءتها وهو قائم، فإن أتمها في حال نهوضه إلى القيام لم يجزئه؛ لأن القراءة وجبت عليه وهو قائم، والقيام أعلى من حال النهوض، فلا يجوز أن يسقط ما وجب عليه في حال الكمال، بما هو أدنى منه.
وإن افتتح الصلاة مومئًا، ثم قدر على الجلوس، أو القيام في أثناء الصلاة، فإنه يلزمه ذلك، ويبني على صلاته.
وقال أبو حنيفة، وأصحابه:(تبطل صلاته، فيقوم، ويستأنف الصلاة) .
وكذلك العريان عندهم إذا استفتح الصلاة، ثم قدر على السترة في أثناء الصلاة، فإنه يستر عورته، ويستأنف الصلاة، إلا أنهم وافقونا في الأمة، إذا أعتقت وهي في الصلاة مكشوفة الرأس، أنها تستر رأسها، وتبني على صلاتها.
وقالوا في الأمي إذا افتتح الصلاة، ثم قدر على القراءة في أثناء الصلاة: إنه يستأنف الصلاة.
ودليلنا: أنه قدر على ركن من أركان الصلاة في أثنائها، فوجب أن يلزمه البناء على صلاته، كما لو افتتح الصلاة جالسًا، ثم قدر على القيام.