الخلاف فيه، فإن أبق عبد من سيده، أو نشزت المرأة من زوجها، أو هرب من عليه حق، وهو قادر على أدائه، من الحق الذي عليه لم يجز لواحد منهم أن يترخص بشيء من رخص المسافر؛ لأنهم عصاة، فإن سافر بنية تجوز له القصر، ثم أحدث نية المعصية في أثناء سفره، فهل تمنعه هذه النية من الترخص برخص المسافر؟ فيه وجهان: حكاهما الشيخ أبو حامد في " التعليق ".
أحدهما: له أن يترخص؛ لأن بإنشاء سفره، كان يباح الرخصة، فلا يضره ما اعترض بعد ذلك من نية المعصية.
والثاني: لا يجوز له الترخص؛ لأنه عاص في سفره، فهو كما لو أنشأ السفر بهذه النية.
وتشبه هذه المسألة: إذا كان له مقصد صحيح، ثم أحدث نية في أثناء السفر، أنه إذا استقبلني فلان انصرفت، فهل تمنعه هذه النية من القصر؟ فيه وجهان، حكاهما في " الإبانة "[ق \ ٨٦] :
أحدهما: تمنع، كما لو أنشأ السفر على هذه النية.
قال القفال: فإن عرف أنه لا يستقبله ما لم يمض ستة عشر فرسخًا فله القصر، وإن سار ابتداء على هذه النية.
والوجه الثاني: له أن يقصر، اعتبارًا بإنشاء سفره، ولا اعتبار بالنية الحادثة، وهذا هو القياس؛ لأن الشافعي نص في "الأم"[١/١٦٥] : (إذا سافر إلى بلد، فمر في بلد، وأقام بها يومًا، ونوى: إن لقي فلانًا، أو قدم فلان أقمت أربعًا، أو أكثر، فله أن يقصر ما لم يلق فلانًا؛ لأنه لم يوجد شرط الإقامة) .
قال الشافعي:(فإذا لقي فلانًا أتم الصلاة؛ لأن الإقامة والنية وجدتا جميعًا) .
قال الشيخ أبو حامد: وهذا يدل على أنه إن لقي فلانًا، وهو مستصحب للنية، عازم عليها، فإن لقي فلانًا، ثم بدا له ألا يقيم قال الشافعي: (لم يكن له أن